لصّ في ثوب صديق !
كأيّ وسيلة إعلامية ومعلوماتية..
(الانترنيت) ليس استثناءً.. ينطبق عليه ما ينطبق على الهاتف الجوّال.. اختراع أو
صناعة أو تقنيّة حيادية..
المُستخدِمْ هو الذي يقودُه من أُذنه إلى هذا (المكان)
الصالح أو ذاك المكان الموبوء..
وحيثُ ترتعُ.. يكون نموّك..
فالذي يتغذّى
على (الطفيليات) ستقتلهُ (السموم) أو تتهددُه الأمراض، والذي يتغذّى على الزاد
الطيِّب.. سينشأ معافى سليماً.. وستكون لديه مناعة في مواجهة
الآفات..
(الانترنيت) أشبه بـ (سوق) تُطرحُ فيه البضاعة (الفاسدة) و(الكاسدة)
والبضاعة ذات الفائدة.. وعلى مقدار عقل وذوق المشتري (الزبون) تتوقف مسألة
(الاختيار)..
فكلُّ امرئ وما اختار..
أنتَ (حرٌّ) في
اختيارك..
(مسؤولٌ) عن نتائج هذا الاختيار.
وحديث (الانترنيت)
الشبكة العنكبوتية.. ذو شؤون وشجون.. واسعٌ بسعة عالمه.. لكن ما يهمّنا هنا هو
(مقاهي الانترنيت).
لا فرقَ عندنا بين أن نكون في مقهى على «الكورنيش» أو مقهى
شعبيّ على منعطف أحد الشوارع، أو مقهى عصريّ في واجهة شارع راق، أو في مقهى على
الانترنيت، «المقهى الالكتروني».
ليس المهم كم من
الزبائن هناك..
المهم كيف أتصرّف حين أكون هناك!
أخلاق الانسان
المسلم ليست قبّعة الرأس، أو المعطف الذي يخلعه عند الدخول إلى البيت، فالكلام
المهذّب مطلوب في كلّ تلك المقاهي وخارج تلك المقاهي.. والبذاءة والإساءة مرفوضة في
مقهى منعزل لا يرتاده إلاّ ثلّة قليلة.. أو في مقهى حاشد..
النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) علّمنا درساً في التخاطب غاية في الرقيّ الحضاريّ: «قلْ خيراً.. أو فاصمت»!!مخطئٌ مَن يتصوّر أنّ الكلام ليس عليه
ضريبة..
عليه ضريبة.. وضريبة فادحة أيضاً: (ما يلفظ من
قول إلاّ لديه رقيب عتيد ) (ق / 18).
تذهب الكلمة التي تُطلقُها
في الأثير.. تتبدّد في الهواء.. وتبقى تبعتها تلاحقك إلى يوم المصير: (وقفوهم إنّهم مسؤولون )(الصافات/ 24).
الطهارة
المعنوية.. أهمّ بكثير.. من الطهارة المادية.
النبي
محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
«طهِّروا أفواهكم، فإنّها مسالُك
التسبيح»!
إنّ «زلّة اللسان» أخطر من «زلّة القدم».. من هذه يمكن أن
أقوم.. ومن تلك قد لا أقوم أبداً.. ولذلك فمن كثر كلامه (ثرثرته) ولغوه.. كثُرت
أخطاؤه، هذا إذا كان الكلام عادياً، فكيف إذا كانت الكلمات كلمات بذاءة
وإساءة؟!
حتى لو كنتَ صاحبَ حقّ، وتناقش قضيّة حقّ، وتدافع عن حقّ، فإنّ ذلك
لا يبرِّر لكَ كلام السوء والفحشاء والسباب.. حقّك يدافع عن نفسه كونه حقاً..
فلماذا تنتقص منه بالهراء والإهانة؟!
صادقٌ مَن قال: «قلبُ الأحمق في فمه، وفم العاقل في قلبه».
هل يمكن أن
نُحدث تبادل مواقع؟
العقلاء فعلوا!
لسانٌ الفتى نصفٌ
ونصفٌ فؤادهُ***فلم يبقَ إلاّ صورة اللحمِ والدم
(الانترنيت) قد يكون
صديقاً مخلصاً.. وما أروع صحبة الأصدقاء المخلصين، وقد يكون لصّاً في ثوب صديق..
فالويل هنا من مزالقه ومهاويه..
قد لا يجرّني إلى
(السجن).. بل إلى ما هو أخطر من ذلك .. !